“سيأتي عليك وقت حيث ستتواجد في غرفةٍ لن يحبك فيها أحد حتى تبدأ بمشاركة قصصك.”
جاكلين وودسون
توفر الكتب فرصاً ثمينة للأطفال للتعرّف على عوالم متنوعة من حولهم وذلك من خلال جلب لغات العالم وثقافتهم، وتاريخهم وأصواتهم داخل عوالمهم. بالإضافة إلى أنها توفر فرصةً لتعريف الأطفال على مجموعةٍ واسعة من القصص المتنوعة التي تعكس وجهات نظر وخبرات مختلفة عن تلك التي آلفوها.
يُعرف هذا المفهوم من تنوع الكتب باسم “المرايا والنوافذ” وقد قدمته لأول مرة الدكتورة “رودين سيمز بيشوب” في مقالها الشهير “المرايا والنوافذ والأبواب الزجاجية المنزلقة”.تناقش الدكتورة تشبيهها الكتب بـ “المرايا والنوافذ والأبواب الزجاجية المنزلقة” بهدف تسليط الضوء على أهمية التنوع في الكتب. كتب الأطفال تحديداً.
.
ماهي “كتب المرايا”؟
هي الكتب التي تعكس جوانب متعددة من هوية الطفل وشخصيته مثل الجنس و العرق و الثقافة ( التقاليد الخاصة والاحتفالات والأغاني الشعبية)، واللغة، والدين، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وجوانب أخرى من الهوية والتجارب الحية.
تساعد “كتب المرايا” على تمكين الأطفال من إجراء اتصال مع ذواتهم مما تتيح لهم تعزيز وتقدير الهوية الشخصية، وبعث رسالة للطفل مفادها أنه شخصٌ مهمٌ ومرئي،
بالإضافة إلى إحاطتهم بجميع الاحتمالات الممكنة لما يمكنهم أن يكونوا عليه.
اتصالنا مع محتوى الكتب
إن رؤية الأطفال أنفسهم في الكتب يمكن أن ينقل رسائل مهمة حول أهميتهم ومكانتهم في العالم، حيث لاحظ مؤلفو “كتب المرايا” أنّ استخدام أدب الأطفال لزيادة مهارة القراءة والكتابة يساعد في رؤية الذات متمثلةً في الشخصيات والرسومات داخل الفصل الدراسي والمكتبة المدرسية مما يرسل لهم رسالة واضحة:
بأن العالم أو المدرسة لهم وعنهم.
ماذا لو لم تكن هناك “كتب المرايا”؟
عندما لا يرى الاطفال أنفسهم في الأدب الذي يقرؤونه، أو عندما يواجهون قوالب سلبية او عدم دقة في وصف المجتمعات التي يعيشون في كنفها، فقد يعتقدون أن قصصهم أو تجاربهم الشخصية غير جديرة بالاهتمام.
كما أنهم يعتقدون أيضاً بأن “الاشخاص مثلهم” لا يمكنهم أن يقوموا بأيٍ مما يلي:
- لا يقرأون لآجل المتعة.
- لا يمكنهم أن يكونوا ابطالاً للقصص.
- يمكنهم الظهور في القصص الخيالية فقط.
- لا يمكنهم أن يستمتعوا بقراءة الشعر أو الخيال العلمي.
- لا يمكنهم خوض تجارب كما يحصل مع غيرهم، مثل الاستمتاع بالطبيعة او الذهاب للمكتبة.
- لا يمكنهم العمل في بعض المهن مثل تأليف الكتب أو ترجمتها او العمل في دور النشر.
يمكن أن يكون لنقص “كتب المرايا” تأثيراً سلبيًا حيث لاحظ مؤلفوها أن النقص في “كتب المرايا” يولد لدى الاطفال انطباعاً بأن الكتب لاتتعلق بهم أو لهم، ويمكن أن يشعروا حينها بعدم الاهتمام بالكتب.
ماذا عن “كتب النوافذ”؟
هي الكتب التي يرى فيها الطفل جوانب مختلفة عن عالمه من خلال تقديم لمحة عن حياة الآخرين. تقدم “ كتب النوافذ” عوالمَ ووجهات نظر وخبرات جديدة عن تلك التي آلفوها مما تسمح للأطفال بتطوير اهتمامات جديدة و تمكينهم من المشاركة في القضايا الاجتماعية المختلفة.تُذكّر “ كتب النوافذ” القراءَ بأن وجهة نظرهم ليست وجهة النظر الوحيدة
لذلك لابد للتنوع في الكتب أن يذهب في كلا الاتجاهين. فقد لوحظ أن الاطفال الذين يقرأون “كتب المرايا” دون “كتب النوافذ” يعجزون عن فهم العالم الخارجي من حولهم خاصةً مع ازدياد نموه وتنوعه مع مرور الوقت.
هل يمكن لـ “كتب النوافذ” أن تتحول الى “ كتب المرايا” ؟
بالرغم من أن “كتب النوافذ” تقدم للقرّاء وجهات نظر جديدة و مختلفة، إلا أنها توضح لنا ما نشترك فيه جميعاً (الاختلاف).
توضح الدكتورة بيشو بأن القصة التي تبدو وكأنها عن شخصٍ مختلف تماماً عنا يمكنها أن تمنحنا لحظات قوية ونيرة من تقدير الذات. إذ تقول “ عندما تكون الإضاءة مثالية، تصبح النافذةُ مرآةً ”يمكن للأدب تحويل التجربة البشرية وعكسها لنا ومن خلال ذا الانعكاس نتمكن من رؤية موقعنا من الحياة والتجارب كجزء من التجربة الإنسانية الكبرى. “
بناء المجتمع وغرس التعاطف
وبما أن الكتب المتنوعة يمكن أن تكون بمثابة “مرايا ونوافذ” لعواطف وخبرات بشرية مختلفة٫ فإنها توفر فرصة قوية لبناء المجتمع ورفع مستوى التعاطف بين الناس، بالإضافة إلى محاربة التحيز والعنصرية. حيث تعتبر الكتب المتنوعة أداة قيمة لدعم التعلم الاجتماعي و العاطفي.
على سبيل المثال: يمكن أن تسلط قائمة الكتب أدناه الضوء على الطرق التي يمكن للمجتمعات أن تجعل الأطفال من خلفيات متنوعة يشعرون بالاندماج وأنه مرحبٌ بهم.
كيف نصل الى تلك الكتب المتنوعة؟
الباً ما تكون تلك الكتب محدودة في العديد من المدارس والمكتبات. ولكن معرفة أهميتها وبأن جميع الطلاب يمكنهم أن يستفيدوا منها تعتبر الخطوة الأولى والرئيسية في رفع نسبة وصولهم إليها.
لماذا الوصول الى تلك الكتب يعتبر محدود؟
يعود الأمر لعدة عوامل بما في ذلك نقص الموارد داخل المدارس والمكتبات، ونقص الوعي بقيمة الكتب المتنوعة لجميع الطلاب، وعدم الإلمام بالكتب المتنوعة المتاحة ذات الجودة العالية. كما أن هناك تفاوت كبير في مخرجات دور النشر. قام المركز التعاوني لكتب الأطفال بإجراء العديد من إحصائيات التنوع في كتب الأطفال منذ التسعينات، ولكن النتائج كانت متشابهة منذ ذلك الوقت حتى اليوم! على سبيل المثال، بالرغم من أن نشر الكتب المتنوعة ارتفع أكثر من أي وقتٍ مضى إلا أنه لا يزال عددها ضئيلاً مقارنةً بعدد العناوين المنشورة التي يظهر فيها أبطال الطبقة المتوسطة من البيض الناطقين بالإنجليزية باعتبارها “ القاعدة”.نتيجةً لذلك فإن الأطفال الذين يرون أنفسهم منعكسين في كتب متنوعة لديهم عدد أقل من الخيارات المتاحة، كما أن المعلمين وأمناء المكتبات والعوائل قد لا يكونوا على دراية بالكتب المتنوعة التي يتم نشرها. بالإضافة الى أن الفصول الدراسية لا تشتمل على كتب متنوعة بشكل كاف ضمن مناهج التدريس.
.
نحن بحاجة الى الكتب المتنوعة
الخبر السار هو أن هناك جهود هائلة مبذولة حول إصدار الكتب المتنوعة ومشاركتها والاحتفال بها.
. فشعار “نحن بحاجة الى كتب متنوعة” لعب دورًا مهمًا، ابتداءً من حملات التواصل الاجتماعي، والحركة الشعبية التي سلطت الضوء على أهمية الكتب المتنوعة للأطفال واليافعين
في الختام، نؤكد على أهمية الكتب المتنوعة حيث أن الأطفال يبلغون سن الرشد في عالمٍ يزداد اتساعاً ويتنقلون في مجموعة واسعة من القضايا والتحديات، الأمر الذي يجعل كتب “المرايا والنوافذ” مهمة أكثر من أي وقت مضي.
آملين ان يزودك هذا المقال بالكثير من الأفكار حول الكتب التي يمكنك مشاركتها مع الأطفال، والأفكار الخاصة بجلب هذه الكتب إلى الفصول
الدراسية والمكتبات